مقالات

٥ أدوات معرفية

٥ أدوات معرفية لن تتقن الكوتشينج بدونها

إن الفرق بين معرفة الكوتشينج وإتقان الكوتشينج كالفرق بين كتابة رسالة واتساب وبين نظم قصيدة من المعلقات! فحوار الكوتشينج عبارة عن منظومة متناغمة، يدور فيها طرفان بانسجام وانسيابية حول محور واحد، كملحمة شعرية بديعة يأخذ كل شاعر منها بطرف يكمل به ما بدأه الطرف الآخر وزناً وقافية وصورة وموضوعاً

لا شك أنه من الممكن لمن يبغي مجرد الممارسة السطحية لعمليات الكوتشينج الاكتفاء بالأدوات المباشرة المستفادة من الدورات التدريبية أو النماذج المخصصة لتحقيق أهداف بعينها، فهذا القدر مقبول جداً لمن يتعلمون الكوتشينج كمجرد أداة من الأدوات المتنوعة التي يضمونها إلى حقيبتهم القيادية أو الإدارية. أما من يطلب احتراف الكوتشينج فعليه أن يبلغ درجة عالية من الإتقان. فعلى خلاف التصور الشائع، إن الكوتشينج عملية بالغة التعقيد وتحتاج لمهارة بالغة من الكوتش لكي يصل إلى هذه الدرجة، وقد تعرضتُ لشيء من هذا في مقالة خارطة طريق تعلم الكوتشينج

دور الأدوات المعرفية في إتقان الكوتشينج

يتعلق جزء كبير من هذه المهارة بتطوير أدوات معرفية خاصة. والمقصود بالأدوات المعرفية العمليات الذهنية التي يوظفها لاستقبال ومعالجة المعطيات ثم توظيفها لخدمة العميل. ولا يكفي مجرد معرفة هذه الأدوات، بل ولا القدرة على استخدامها، وإنما يجب أن تتحول إلى “طبيعة ثانية” كما يقال لكي يتمكن الكوتش من توظيفها توظيفاً سليماً بدلاً من أن تتحول إلى مجرد أداة أخرى يمارسها بدون إتقان. وهذا يتطلب تدريباً ذاتياً طويلاً ومركزاً، ولكن الثمرةَ نقلةٌ نوعية في أداء الكوتش ومستوى إتقانه. فإليك أهم هذه الأدوات

الأداة الأولى: التجريد

عملية التجريد (Abstraction) هي إحدى العمليات المعرفية الاساسية للجنس البشري. بل إن البعض (مثل ألفريد كورزيبسكي) يعد كل التصورات الذهنية صورة من صور التجريد. فالتجريد هو عملية انتقال من رُتبة منطقية إلى رتبة أعلى، أو من التفصيل إلى الإجمال، أو من المثال إلى النموذج، حيث تُجَرَّد الأشياء من الكثير من أوصافها لتخلص لحقائقها، وهو ما يساعد على تصنيف ذلك المحتوى ووضعه في القالب المناسب له

لتقريب معنى التجريد، انظر إلى صورة الشخصية الكارتونية الأشهر ميكي ماوس، أي حيوان تمثل؟ لن يختلف اثنان على أنها صورة فأر، مع أن الفأر الحقيقي لا يبدو هكذا البتة، إلا أنه في الحقيقة صورة مجردة للفأر، تعبر عنه وتوصل معناه بمعزل عن الكثير من التفاصيل. بتعبير آخر، هي صورة تعبر عن “البنية” (Structure) لا “المحتوى” (Content)

تكمن أهمية التجريد للكوتش في أن عملية الكوتشينج بطبيعتها تتعلق بالبنية لا بالمحتوى، فالمحتوى هو مجرد معطى يستخرج منه الكوتش البنية من خلال عدة عمليات معرفية كلها تبدأ بالتجريد، أي تجريد المحتوى التفصيلي لاستخراج البِنَى الكامنة في ما وراءه

أدوات معرفية: التجريد
Photo by VIAVAL/depositphotos.com

في اثناء حوار الكوتشينج، يتحدث العميل أكثر ما يتحدث عن واقعه، وأحلامه وأهدافه، وربما مشاكله ومعوقاته، وهنا تكمن وظيفة الكوتش في تجريد هذه المعطيات لاستخراج البناءات المضمرة التي تختبئ في داخله. وهذه الخطوة ضرورية لتنظيم المعطيات وتصنيفها حتى يستطيع الكوتش إدارة الجلسة بشكل منظم يخدم العميل ويتجنب إهدار الوقت في أخذ وردّ لا يفيد في شيء بل ربما شتت العميل بل وشتته هو شخصياً. ولكن الأمر الأهم أن تجريد المحتوى لاستخراج البناء يعطي الكوتش القوة الحقيقية في معرفة نقاط الارتكاز التي تؤثر في سايكولوجية العميل تأثيراً عميقاً، وإلا فإن الانشغال بالمحتوى لن ينتج في الواقع إلا تأثيراً سطحياً مؤقتاً

يعتبر التجريد مهارة أم للعديد من الأدوات المعرفية في الكوتشينج وغيره، فهو الأساس لعملية تصنيف المعطيات (Categorization)، والتفرقة (Differentiation)، واستخراج الأنماط (Pattern detection) وغيرها. فعندما يتحدث العميل عن مشاكله لا ينخرط الكوتش وراءه في محتوى تلك المشاكل، وإنما يجردها إلى حقيقتها أو إلى الصنف الذي تنتمي إليه. فعلى سبيل المثال، عندما يقول العميل: “كلما وقفت على الميزان شعرت بالإحباط لأني لم أصل بعد إلى الوزن المثالي”، هنالك يشتبه الكوتش في أن هذا مثال للتشوه المعرفية المسمى “إما-أو” (Either-or cognitive distortion)، أو “الكمالية” (Perfectionism)، فلا يعنيه كثيراً تعلق المحتوى بالوزن أو بالمال أو بالتحصيل الدراسي، وإنما يساعده تجريد المحتوى على استخراج البنية المضمرة التي يمثل إصلاحها نقلة عميقة في حالة وأداء العميل

تنمية مهارة التجريد

عملية التجريد هي ببساطة إجابة على سؤال: “هذا مِثال مِن ماذا؟” أو “ما هو المبدأ الذي يُنتج هذا المحتوى؟”. فيمكن للكوتش أن يتدرب بشكل واعٍ على عملية التجريد بمراجعة معطيات العملاء (تسجيلات الجلسات أو ملخصاتها مثلاً) ويسأل نفسه هذه الأسئلة عند الجمل المفتاحية

  • ما هو المبدأ الذي يُنتج هذه العبارة؟
  • إن كان هذا مثالاً لشيء، فما هو؟
  • تحت أي صنف يندرج هذا الكلام؟

ويمكن البدء في المراحل الأولى بتجريد المحتوى لتصنيفه وفقاً لأسئلة الأهداف سليمة الصياغة (Well-formed outcomes)، ثم بعد ذلك الانتقال إلى البناءات الأكثر عمقاً وفقاً للنموذج السايكولوجي الذي يتبعه

الأداة الثانية: التفصيل

أدوات معرفية: التفصيل
التقاط التفاصيل الدقيقة قد يكون الفارق بين النجاح والفشل

“الشيطان في التفاصيل”

مثل أمريكي

يعبر المثل السابق عن أن إدراك الأشياء الغامضة والحقائق المبهمة يتوقف على دقة ملاحظة التفاصيل، فالملاحظ أن ذلك الذي يكتفي بالنظر للصورة الكبيرة من غير تدقيق في التفاصيل يُلغز عليه كثير من الأمور، وقد يكون تفسير الظاهرة أو حل المشكلة أمام عينيه، إلا أن نظرته للعموميات تحول دون رؤيته.

لهذا تعد دقة ملاحظة التفاصيل من أهم الفوارق بين الكوتش المبتدئ والمحترف، وله أهمية من جهتين: جهة استخدام أدوات الكوتشينج، وجهة تلقي وتوظيف معطيات العميل. فأدوات الكوتشينج كأدوات الجراحة، يحتاج استخدامها إلى دقة شديدة ومعرفة كيف ومتى تفصيلاً تُستخدم (وكيف ومتى لا تُستخدم كذلك)، وإلا فإنه إن لم تؤتِ نتيجة غير مرغوب فيها فعلى الأقل لن تُجدي بالشكل المطلوب. فمن الضروري أن يحرص الكوتش على التدقيق والانتباه للتفاصيل من بداية تعلمه الممارسة حتى يضبط الأدوات ضبطاً صحيحاً، أما الاكتفاء بالعنواين العريضة والتعليمات المهلهلة فلن ينتج سوى توهم التميز مع قبوع في منطقة الوسط

وعلى الجانب الآخر، فإن حوار الكوتشينج ليس مجرد ثرثرة وتنفيس، بل هو حور منظم ذو بنية مخصوصة يحتاج إلى الانتباه إلى قدر غير معتاد من التفاصيل، سواء على المستوى اللفظي (الكلمات) أو غير اللفظي (التعبيرات) أو المضمر (الماورائي)، وهذا يتطلب انتباهاً عالياً وحضوراً ذهنياً وحسياً يفوق المعتاد

تنمية مهارة التفصيل

هناك محوران أساسيان لمهارة التفصيل: الملاحظة الدقيقة للتفاصيل، والاستفصال (أسئلة التدقيق). يحتاج تنمية كل منهما إلى معرفة دقيقة بطبيعة المعلومات التي يبحث عنها الكوتش. فعلى سبل المثال، في مرحلة صناعة الهدف، يبحث الكوتش عن صورة كاملة للهدف، والوضع الحالي للعميل، ودوافعه، والطريق إلى الهدف، والمعوقات، وغير ذلك. كثيراً ما يكون لدى العميل صورة مبهمة عن إجابات تلك الأسئلة، وأحياناً يحتاج لشيء من التأمل للوصول للإجابة، هنا يجب على الكوتش استعمال أسئلة الاستفصال ليستخرج من العميل الصورة الدقيقة، وقد تعرضت لبعض هذه الأدوات بشكل مبسط جداً يناسب غير المتخصصين في برنامج ٢١ مهارة كوتشينج المجاني

الأداة الثالثة: إدراك الفروق المؤثرة

أدوات معرفية: إدراك الفروق
ليس كل اختلاف مؤثراً دائماً

ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق

ابن تيمية

الوحدة الأساسية للمعلومة هي الفرقُ الذي يُحدِثُ فَرقاً

جريجوري بايتسون

من الأدوات المعرفية المهمة التي يختلف الناس في توظيفها اختلافاً كبيراً: إدراك التماثل والاختلاف. فمن الناس من يغلب عليه عند المقارنةِ ملاحظةُ أوجه التماثل بين الشيئين، ومنهم من يغلب عليه الانتباه للفروق بينهما، حتى إن بعض الباحثين يجعل هذه الخصلة من خصائص الشخصيات التي يمكن قياسها (Hall and Bodenhamer, 2005)

لكن الكوتش ليس معنياً بمجرد ملاحظة الفروق، وإنما بتمييز وتوظيف الفروق المؤثرة دون غير المؤثرة، وذلك على جميع المستويات، ابتداءً من الفروق في التمثيل الحسي والنميطات (meta-modalities)، ومروراً بالتعبيرات اللغوية والمعاني المضمرة وما إلى ذلك

وهذا في حقيقته يرجع إلى أصل البرمجة اللغوية العصبية (Neuro-Linguistic Programming) وهو عملية النمذجة. فالنمذجة في الأساس عملية استخراج للفروق المؤثرة في التجربة الذاتية (Hall, 1999). ومن هذا المنطلق فالكوتش يقوم بدور “المُنَمذِج” (modeler) بما يتضمنه هذا من استخراج للفروق المؤثرة. وقد اعتمدت البرمجة اللغوية العصبية الكلاسيكية في طورها الأول والثاني كثيراً على هذا المبدأ. فعلى سبيل المثال، تقنيات استبدال النميطات (meta-modalities) لتغيير التجربة الحسية هي عملية بحث عن الفرق المؤثر في النميطات وتوظيفه لتغيير الحالة

بعض المستويات التي يلاحظ الكوتش فيها الفروق

  • مستوى التمثيل الحسي (Sensory representation): كيف يرمز العميل التجربة (الحالة/الهدف/العائق/المورد/…)
  • مستوى النميطات (Meta-modalities): ما هي خصائص الصورة الذهنية التي تؤثر في التجربة
  • مستوى الألفاظ (Verbal language): ما هي الألفاظ التي يعبر بها العميل عن التجربة(…)، وهل يحدث تغيير الألفاظ فرقاً أم لا
  • مستوى التصنيف (Categorization): كيف يصنف العميل هذه التجربة (…)، وهل يحدث تغيير التصنيف فرقاً أم لا
  • مستوى الارتباط الشعوري (Association): ما هي المشاعر التي ترتبط بهذه التجربة (…)، وهل لتغييرها أثر مطلوب أم لا
  • مستوى النمط الإدراكي (Perception framing): كيف يُدرك العميل التجربة(…)، ما هي البرامج العقلية العالية (meta-programs) التي تؤثر في إدراكه التجربة وبالتالي محصلتها

الأداة الرابعة: استخراج الأنماط

استخراج الأنماط (Pattern detection) واحدة من أوائل الأدوات المعرفية تطوراً ونمواً لدى الإنسان. سنلاحظ أن عملية استخراج الأنماط تتقاطع بوضوح مع جميع الأدوات المعرفية السابق ذكرها. والمقصود باستخراج الأنماط اكتشاف العناصر المكرورة في سلوك، أو أفكار، أو طريقة تفكير العميل، وهو ما يتطلب تجريد المحتوى الذي يناوله للكوتش من صورته إلى حقيقته، وملاحظة التفاصيل الدقيقة، واستخراج الفروق المؤثرة.

تكمن أهمية استخراج الأنماط لعملية الكوتشينج في اختصار طريق طويل للوصول للعوائق أمام الهدف، وسيأتي بعض الأمثلة

أمثلة للأنماط التي يلحظها الكوتش

  • النظام التمثيلي (Representational systems): هل يغلب على العميل ترميز التصورات بنظام حسي ما (بصري، سمعي، حسي، …)؟
  • المساحة الزمنية (Temporal domain): هل “يعيش” العميل أكثر وقته في الماضي، أم الحاضر، أم المستقبل، أم يتوزع بينها أو بعضها؟
  • توزيع الطاقة (Energy distribution): أين يضع (أو لا يضع) العميل طاقته (المشكلة، الهدف، الطريق، الماورائيات (meta-domain)، العوائق، …)؟
  • الاستراتيجيات (Strategies): ما هي الأنماط السلوكية الخارجية (External behavioral patterns) أو التمثيلية الداخلية (Internal representation patterns) المتكررة؟
  • التحميل الدلالي (Semantic overloading): هل هناك كلمات، أو مواقف، أو أشخاص، أو غير ذلك محملة بمعان زائدة يظهر أثرها في سلوك العميل؟

هذه مجرد أمثلة من بضعة عشرات من الأنماط التي يحتاج الكوتش للتنبه إليها؛ فقد يكون مفتاح الجلسة كلها في نمط يحتاج العميل لاكتسابه أو تعديله أو التخلص منه. فعلى سبيل المثال، قد يكون العائق أمام تحقيق العميل هدفه هو تركيزه على النتيجة المرجوة مع غفلته عن العوائق، أو عدم اهتمام كاف بتحصيل الموارد المطلوبة، فهذا خلل في “توزيع الطاقة” قد ينتج عنه فشل كلي في بلوغ الهدف

تنمية مهارة استخراج الأنماط

من المهم أن يتنبه الكوتش إلى أن عامة تلك الأنماط يكون خارج مساحة وعي وإدراك العميل كليّةً، وهو ما يضع عليه العبء الكامل لملاحظة واستخراج وفهم تلك الأنماط، مع عرضها على العميل للتأكد منه، ولجلب انتباهه إليها وبالتالي تمكينه من التحكم فيها واستغلالها أو تغييرها بحسب الحاجة

  1. الأساس في إتقان استخراج الأنماط معرفة بنية النمط وشواهده في سلوك العميل. فعلى سبيل المثال: بنية التحميل المعنوي: العبارات المرتبطة في نفس العميل بمعانٍ ودلالات أكثر من المعتاد، أي أنها تمثل له أموراً بعينها زائدة عن ماهيتها. مثلاً: عدم الاجتهاد في العمل يمثل -افتراضاً- للعميل عدم احترام النفس. وشواهده في سلوكه أمران: التكرار ولو في غير السياق، وتغير الطاقة (نبرة الصوت، تعبيرات الوجه، إلخ). فاستئنافاً للمثال المفترض: كلما تكلم المدير عن عدم اجتهاد فلان أو علان في العمل ارتفع صوته أو احمر وجهه
  2. بمعرفة بنية المهارة تتجه المستقبِلات الحسية للتفتيش عن تلك الشواهد بشكل واعِ متعمد في المراحل الأولى، وهو ما يعرض الكوتش للوقوع في الانحياز التأكيدي (Confirmation bias)، وهو عرض شائع للمرحلة الأولى في تعلم هذه المهارة
  3. مع التكرار والخبرة وتلقي التغذية الراجعة يصبح الانتباه للنمط سجية، فحينئذ يستطيع الكوتش إلغاء الاستحضار المسبق لبنية النمط، ومن ثَم ينبغي أن يُلغي كل افتراض مسبق وحُكم متسرع بوجود (أو عدم وجود) النمط، وهو ما يُخرجه من مشكلة الانحياز التأكيدي الآنف ذِكرُها
  4. عند إتقان عدد من بِنَى الأنماط، نمطاً واحداً في المرة، تنتقل مهارة استخراج الأنماط إلى رُتبة أعلى، وتصير تلك العملية تلقائية لاشعورية حتى مع الأنماط الجديدة بل والمبهمة البنية

تنبيه

ينبغي أن يحترز الكوتش من أن يؤدي استخراج الأنماط إلى قولبة (Stereotyping) العملاء. المقصود من هذه المهارة استخراج النمط كمدخل لاستكشاف العمليات الداخلية (Internal processes) للعميل، وليس للحكم عليه ولا تصنيفه ولا بناء الافتراضات عليه

الأداة الخامسة: التفكير النُّظُمي

أدوات معرفية: التفكير النظمي
النظام مجموعة عناصر بينها اتصال وتؤثر في بعضها البعض

يشتق التفكير النُّظمي (Systemic thinking) من النظرية العامة للنظم (Bertalanffy, 1950) التي تعتني بالمفهوم العام لكل ما هو نظام والقواسم المشتركة بين النظم والمدخل إلى فهمها والتنبؤ بها والتحكم فيها. ومن أهم وأعقد النظم والتي تحتاج لمقاربتها بطريقة نُظمية نفس الإنسان. يعتمد التفكير النظمي على معرفة المتغيرات المختلفة داخل النظام وتأثيراتها المتبادلة في بعضها وفي الكل الذي يحتويها، خلافاً للتفكير التسلسلي (Linear thinking) التقليدي الذي تفرضه معظم المناهج العلمية التقليدية (ومنها معظم مدارس علم النفس)، والذي يوقع في مغالطات وأخطاء شتى

قارن (Ollhoff and Walcheski, 2016) بين التفكير التسلسلي والتفكير النظمي من خلال هذا الجدول

التفكير التسلسليالتفكير النظمي
يقسم الشيء إلى عناصر منفصلةينظر للعناصر من حيث هي مترابطة ومؤثرة
يهتم المحتوىيهتم بالبناءات والعمليات
يحاول إصلاح الأعراضيهتم بالديناميكيات المضمرة
يهتم بمعرفة “السبب”يهتم باستخراج “النمط”
يحاول التحكم في “الفوضى” للوصول للانتظاميحاول إيجاد النمط الذي تخفيه الفوضى
يهتم بمحتوى الاتصالينظر للمحتوى ولكنه يركز على التفاعلات وأنماط التواصل
يؤمن بأن الأنظمة قابلة للتنبؤ ومنتظمةيؤمن بأن الأنظمة غير قابلة للتنبؤ في البيئات الفوضوية
مقارنة بين التفكير النظمي والتسلسلي لأولوف ووالتشسكي

فإذا أخذنا هذا المفهوم في الاعتبار، تبين لنا أن التعامل مع معطيات عميل الكوتشينج ليس بسطحية علاقة “السبب والنتيجة” المباشرة، وإنما هي في النهاية عناصر تتفاعل مع بعضها البعض ويؤثر بضعها في بعض بالتبادل، وهو ما يكسب الكوتش مرونة وقوة في معالجة مشاكل العميل من أكثر من زاوية للوصول إلى الحل المطلوب

هذه الأداة تحديداً هي أصعب الأدوات تطويراً وتدريباً، ولها دورات تخصصية للكوتشز المتقدمين، لهذا فلا يسع هذه المقالة التفصيل فيها أكثر من هذا، ولكن أحيل على المقالة المفيدة لأولوف ووالتشسكي بعنوان Making the Jump to Systems Thinking، وسأفرد الكوتشينج النظمي بالمزيد من التفصيل لاحقاً إن شاء الله

مصادر

  • Bateson, G., (2000) Steps to an Ecology of Mind: Collected Essays in Anthropology, Psychiatry, Evolution, and Epistemology. 1st edition ed. Chicago: University of Chicago Press.
  • Bertalanffy, L.V., (1950) An outline of general system theory. The British Journal for the Philosophy of Science, 12, pp.134–165.
  • Floridi, L., (2019) Semantic Conceptions of Information. In: E.N. Zalta, ed., The Stanford Encyclopedia of Philosophy, Winter 2019.
  • Hall, M., (1999) Neuro-Linguistic Programming Going Meta. 1st ed. Neuro-Semantic Publications.
  • Hall, M. and Bodenhamer, B., (2005) Figuring out People: Reading People Using Meta-Programs. 2nd ed. Crown House Publishing.
  • Korzybski, A., (1995) Science and Sanity: An Introduction to Non-Aristotelian Systems and General Semantics. 5th edition ed. Brooklyn, N.Y: Institute of General Semantics.
  • Marton, F., (2006) Sameness and Difference in Transfer. Journal of the Learning Sciences, 154, pp.499–535.
  • Meadows, D.H., (2008) Thinking in Systems: A Primer. White River Junction, Vt: Chelsea Green Publishing.
  • Neander, K. and Schulte, P., (2021) Teleological Theories of Mental Content. In: E.N. Zalta, ed., The Stanford Encyclopedia of Philosophy, Spring 2021.
  • Ollhoff, J. and Walcheski, M., (2016) Making the Jump to Systems Thinking. The Systems Thinker. Available at: https://thesystemsthinker.com/making-the-jump-to-systems-thinking/.
  • Schroeder, M., (2017) The Difference That Makes a Difference for the Conceptualization of Information. Proceedings, 1, p.221.
  • Senge, P.M., (2006) The Fifth Discipline: The Art & Practice of The Learning Organization. Revised & Updated edition ed. New York: Doubleday.
  • Speaks, J., (2021) Theories of Meaning. In: E.N. Zalta, ed., The Stanford Encyclopedia of Philosophy, Spring 2021.
  • Woodsmall, M. and Woodsmall, W., (1999) People Pattern Power: P3 : The Nine Keys to Business Success. United States: Next Step Pr.
انشر هذه المقالة على
Scroll to Top